recent
أخبار ساخنة

إلى رئيس الجمهوريــّـــــــــــــــة وحاشيته الشعبويـــّـــــــــــــــــــــة...

Gala
الصفحة الرئيسية

 



لا يمكن تحميل كلّ الوزر للشعبويّة وإن كانت الشعبويّة ليست إلّا مقدّمات موضوعيّة لمآلات كارثيّة، لأنّ الخلط والتعميم يفسد الاستنتاج المثمر الذي يحيلنا على حقيقة الصورة، ويحرمنا من منتوج الاعتبار والتدبّر ويحول بيننا وبين استخلاص الدروس للتدارك، لذلك علينا أن ندقّق أكثر فيما وقع الأربعاء داخل الكونغرس الأمريكي والإرهاصات التي سبقته، ووضع الإصبع على حقيقة الداء وليس على شمّاعة الشعبويّة، لأنّ الكثير الكثير من التجارب الشعبويّة بزغت..جرّبت.. فشلت.. ثمّ تبخّرت، ثم لأنّه لن يكون بمقدور الديمقراطيّة أن تسنّ ضوابط تحميها من الشعبويّة طالما اكتفت بتفريغ شحنتها بعيدا عن استهداف جدران الديمقراطيّة الواقية، كما لا يمكن للديمقراطية سن قوانين تحميها من المزاجيّة ومن تدني الوعي الانتخابي و من الانتخاب الاحتجاجي و الانتخاب العقابي.. وان هي فعلت وأصرت حتما ستجد نفسها تحوّلت تدريجيّا من ديمقراطيّة إلى ديمقتوريّة..ديمكتاتوريّة.. وصولا إلى دكتاتوريّة.. لا يمكن أن نحصل على ديمقراطيّة بلا عرق ولا أرق ولا فضلات، كذا قال برنارد شو " من عيوب الديمقراطيّة أنّها تجبرك على الاستماع إلى رأي الحمقى" لكنّه لا هو ولا غيره قالوا بأنّ الديمقراطيّة تجبرك على انتهاك الدستور وتجاوز الصناديق والصعود إلى السلطة بعيدا عن مصعد الانتخاب.


ما حدث الأربعاء في واشنطن لم يكن نتيجة لرئيس أو حاشية حدّثت نفسها بالشعبويّة، بل نتيجة لشعباويّة حدّثت نفسها بانتهاك الدستور والالتفاف على نتائج الصناديق وأقنعت نفسها أنّها الصلاح وأنّهم كلّهم على بكرة أبيهم الفساد، وأنّ مستقبل البلاد يقتضي البحث عن مداخل دستوريّة وتوليفها وترميمها وتأهيلها وتمطيتها وتوسيعها لتتسع لفكرة الانقلاب الجنوني! كانت شعبويّة ترامباوية أفسدت خلال دورة انتخابيّة فمرّت إلى شعبويّة تريد إفساد كلّ الدورات الانتخابيّة. أن تعبث الشعباوية خلال دورة انتخابية، فذلك سيعصف بحظوظها خلال الدورة التالية، أما أن تشرع في العبث بكل الدروات الانتخابية وابطالها فقد وجب التصدي لها بزخم الشارع وأيضا بكل عضلات الدولة.


ولعلّ ما حدث البارحة ليس ببعيد عمّا يحدث في تونس، بل لعلّها نسخة مطابقة للأصل مع اختلاف الأسماء والأماكن، هناك رئيس يرغب في البقاء في السلطة تحت أي طائل، العنوان الأوّل هو البقاء، ثمّ يتمّ ابتكار وتخليق وصناعة التبريرات والتعلّات من أي مادة كانت، لا تهم العلل والحجج والوسائل، المهم الهدف! والهدف هو البقاء في المنصب!!! في تونس أيضا حين تخبرهم أنّ الدستور لا يسمح بسلوك اقترفوه أو يهمّون باقترافه، يقولونها بلا خجل "هناك مداخل وفقرات في الدستور يمكن استعمالها"! تماما كما العصابة الترامبيّة، الهدف أولا وأخيرا ثمّ لاتهمّ الوسائل! في تونس أيضا وجدنا من يحرّض على نزول الجيش لمنع الديمقراطيّة وقطع الطرق على نتائج الانتخابات بل وحتى منع انتخابات مسبقة، وجدنا من يقول بأنّ غيره هم إبليس وجنوده وأنّه وحده الملائكة مع بعض عترته، في تونس وجدنا من يستعمل الإضرابات وتركيع الاقتصاد والدفع نحو الإفلاس من أجل فرض حوار وطني يستعملونه للالتفاف على الصناديق والبحث عن وصفة حكم بعيدة عن الانتخابات، وتماما كما تمّ اقتحام الكونغرس وجدنا من اقتحم البرلمان، وجدنا أيضا من سرق مفتاح المؤسّسة التشريعيّة وأغلقه في وجه النوّاب.....


ليست المشكلة هي الشعبويّة في حدّ ذاتها وإن كانت أهمّ تربة لإنتاج المشاكل، إنّما المشكلة في عدم الاعتراف بالأروقة الكبرى المنظّمة لسير الديمقراطيّة ومحاولة تهشيمها، المشكلة في التحرّش بالدستور والانتخابات والصناديق والسعي إلى البحث عن شرعيّة بديلة التفافيّة من خارج الشرعيّة الشعبيّة التي تعتبر رصيد أي ديمقراطيّة في العالم.


عندما نصرخ في وجه الهمج المراهق أنّنا بصدد تجربة فتيّة هشّة يجب الترفّق بها وعدم استفزازها بتوليفات مشبوهة، يتهكّم "الاستهتار" ويزرع التهم الجاهزة ويؤكّد أنّ ديمقراطيّة تونس مستقرّة وأنّ ما يقال ليس غير فزّاعات!!! عندما نطلق صرخة نحذّر من روائح "شياط" الانقلاب تعفر الجوّ التونسي وتزكّم الأنوف، يتهكّمون ويتندّرون بأسطورة الانقلاب الذي بينه وبين تونس كما بين المشارق والمغارب! وبينما هم على ذلك خرج كبار الخبراء والمؤرّخين الأمريكان يحذّرون من انقلاب سيعصف بوحدة الولايات المتّحدة الأمريكيّة ويجهز على ديمقراطيتهم ثمّ يفتح الأبواب أمام انهيار الديمقراطيّة في العالم، لصالح توليفات ركيكة بين دكتاتوريّة الصين وديمقراطيّة الديكور الروسي.. وإذا كان هذا حال ديمقراطية القرون، فكيف بحال ديمقراطية بالكاد تقتفي اثر عقدها الأول؟!


المصدر


Related Posts

google-playkhamsatmostaqltradent