recent
أخبار ساخنة

هل يتعرّض الغنّوشي إلى التصفية الجسديّة ؟

Gala
الصفحة الرئيسية

 


بعد انقضاء هجومات الرّبيع والصيف والخريف وفشل هجوم الشتاء الذي يكاد ينقضي، ثمّ وبعد فشل مختلف الحملات وانتهاء عمليّات السحب إلى السحق، وبعد امتناع الجيش عن التدخّل وإقالة الوزير الذي كان سيجهز دهاليز الداخليّة لاستقبال الغنّوشي ورؤساء المعارضة كما رغب الزعيم التيّاري، بعد تركيز مسيرة الــ66 على الغنّوشي ومرور الإعلام إلى نسق غير مسبوق في النيل من زعيم النّهضة، وبعد أن طالبت البسوس برأس الغنّوشي كتتويج لحملة هي الأكثر شراسة منذ سنوات.. هل يعني ذلك أنّهم استنفذوا أوراقهم كاملة وقرّروا المرور إلى آخر الحلول! التصفية الجسديّة!! هل يقدمون بغباء على حفر قبورهم بأيديهم ويهبون إلى الرجل خاتمة كانت حلم عمر بن الخطّاب بل كلّ الأتقياء الذين يردّدون منذ 1400 " اللهم ارزقنا قبل الموت توبة .وعند الموت شهادة .وبعد الموت جنة ونعيما".   

من يتابع الإعلام الإماراتي هذه الأيام وخاصّة المكتوب وكذا الاعلام المصري ويلقي نظرة على الداخل التونسي ، يدرك أنّ الغنّوشي يتعرّض إلى هجمات متزامنة ، مراكز قوى تدبّر وتسعّر ثمّ ترسل البسوس وسجاح للولولة، أمّا سجاح فتطلب رأس الحركة ومن ورائها الثورة ككلّ وتصرّ على ذلك، وأمّا البسوس فجمعت امرها وحصرت خيارها في رأس الغنّوشي.. ذات المطلب الذي عمل عليه ضبع النفط كما سفّاح الساحات وغيرهم ولم يدركوه، فيما أدركت الرجل عناية الله.

حروب متعدّدة تستهدف الغنّوشي، تشارك فيها أطراف تقاطعت مصالحها، أحد جولاتها سحب الثقة التي تحوّل أصحابها إلى أضحوكة، فلا هم استمعوا إلى الحديث الشريف "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، ولا إلى المثل التونسي " الأولى عسل، الثانية بصل، الثالثة حصل"، وها هم يفشلون في المحاولة رقم 5!  كانت الأولى حين تكتّلوا لقطع الطريق عن الغنّوشي ومنعه من الوصول إلى رئاسة البرلمان، حينها اعتلى الرجل ونزلوا فكان الفشل حليفهم، ثمّ لاحقا أعادوا المحاولة لمرتين وجمعوا التوقيعات لكنّهم لم يبلغوا النّصاب فتراجعوا، في المرّة الرابعة قاموا بعمليّة شراء للذمم وجمعوا النصاب زائد واحد "110" وانتصبت الجلسة وصاح الحاجب "محكمة"، أو ما عرفت بجلسة ليلة الوقفة، تلك التي قام الإعلام الإماراتي بتغطيتها بشكل مكثف وعلى مدار الساعة، وانتهت بسقطتين، الأولى بقاء الرئيس في موقعه رغم كلّ التحشيد لإسقاطه، والثانية حين تعرّضوا إلى خديعة من بعض النوّاب الذين قبضوا ولم يسحبوا... أمّا الخامسة فقد تمّ تجميدها هاته الأيّام، بعد أن اعتصروا واستعدّوا للمخاض وشرعوا في عمليّة الطلق، ولمّا استبطأوا رأس الجنين، تثبّتوا فتبيّن أنّها حالة انتفاخ جرّاء الإفراط في تناول البهارات، ظلّ الغنّوشي في منصبه وتفكّكت نصبتهم.

قبل ذلك، كان الغنّوشي مادّة دسمة لــ 66 جمعيّة تشدّهم الأحزاب ويتقدّمهم شفي الاتحاد، وسوّق لهم الإعلام طوال الأسبوع الذي سبق المسيرة، ثمّ خرجوا ليصرخوا في الشارع "يا غنّوشي يا سفّاح يا قتّال لرواح" كلّ تلك الأحزاب والجمعيّات الكثيرة وتلك المظاهرة الصغيرة، شكّل الغنّوشي مادتهم الدسمة، هناك تشابه علينا البقر واختلطت الرايات النقابيّة بالحزبيّة، لكنّها كانت رايات ذابلة خافتة أمام حيويّة الرايات القزحيّة، شباب في عمر الزهور ينبع مثليّة يهتف بأصوات أقرب إلى الخضوع بالقول "الغنّوشي ديقاج" يتوسّطهم مثلي قديم "أبيض وأسود" يبدو في عقده السابع، هو أيضا يهتف بل يردّد خلفهم، ويجتهد في شتم الغنوشي، كان المسكين في حالة إفلاس بائنة، تساقطت حبّات مثليته من عليه، تدحرجت هناك بعيدا، تريد الفرار، تريد النجاة من شيخوخة مخنّثة، كأنّها تنهره "احشم شايب قزحي تزاحم شباب القزح! برّا شدّ السبحة".

كانت مظاهرة ضعيفة لكنّها تاريخيّة، تآلفت فيها القلوب المثليّة والحزبيّة والنقابيّة، كلّهم على الغنّوشي، سبّوه وتوعّدوه ثمّ عادوا يتحلّقون حول "الطاسة والمايدة" يتسامرون، يستعرضون عبارات الشتيمة التي وجّهوها للرجل الثمانيني العتيق الذي لا يسقط برغم القصف من جميع المحاور ورغم استعمال كلّ أنواع القذائف، كلّهم خسروا عقولهم لصالح الحقد والغضب، كلّهم لم يتفطنوا إلى أنّ الرجل غير آيل للسقوط، وأنّهم يخسرون الوقت والجهد ويتحوّلون أكثر إلى حالة ساخرة، واحد فقط تفطّن إلى ذلك! وحده محمّد عبّو أيقن أنّ الطريقة المتّبعة ستقود حتما إلى المزيد من الفشل، وأنّه لا سبيل إلى تهرئة الغنّوشي وإثخانه بالتشويه ثمّ سحبه إلى مسلخة الانتخابات لنحره،  يدرك عبّو أنّ زعيم النّهضة "بو سبع أرواح" وأنّ الصناديق تجبّ ما قبلها من تشويه وتلفيق وهرسلة، وسيعود الرجل يبزغ من جديد، وأنّ لا سبيل إلى معالجة الظاهرة الغنّوشيّة من داخل رحم الديمقراطيّة ولا بأدواتها، من أجل ذلك اقترح عبّو الجيش والسجن واقترحت زوجته الرأس! لقد كانت امرأة ذكيّة فطنة أيقنت أنّ طعن الغنّوشي في الأقدام والبطن والظهر والأطراف لا جدوى منه، غدا تلتئم جراحه ويطفو على السطح من جديد، لذلك اهتدت كما زوجها إلى الحلول الجذريّة! الراديكاليّة! لقد طلبت رأسه رأسا! قصّ الرأس تيبّس لعروق.. صرخت البسوس! لا شيء غير الرأس، اقتلوه لا تلقوه في البئر يلتقطه السيّارة ويعود.. الزوج يصرخ العسكر والسجن، والزوجة تصرخ النطع والسيف، والشيخ الثمانيني يردّد: لا مفرّ لكم الصناديق والانتخابات سوف تقضي عليكم.. يعود لسان البسوس يسبقها: يا لروعة الغنّوشي صائد الحركات الإسلاميّة يصطاد بقايا التجمّع، ليردّ الشيخ الثمانيني: نعم.. اليوم وغدا يا بسوس. ثمّ وهناك ليس ببعيد يكثِر غلام البسوس من الحركة والرغاء، يكثِّر من "سوف نعمل على ذلك" ليجلب الانتباه، يسأل النّاس الشيخ الثمانيني: ألا تردّ؟ فيجيب الشيخ : هذا صعلوك يريد أن نردّ عليه فيدخل التاريخ.

نصرالدّين السويلمي

Related Posts

google-playkhamsatmostaqltradent